أراك طروباً والهاً كالمتيم …
تطوف بأكناف السجاف المخيمِ
أصابك سهم أم بُليت بنظرةٍ …
فما تلك إلا سجيّة من رُمي
على شاطئ الوادي نظرت حمامة …
أطالت عليّ حسرتي والتندمِ
فإن كنت مشتاقاً إلى أيمن الحمى …
وتهوى بسكان الخيام فأنعمِ
أُشير إليها بالبنان كأنما …
أُشير إلى البيت العتيق المعظمِ
خذوا بدمي ذات الوشاح …
فإنني رأيتُ بعيني في أنامِلُها دمي
خذوا بدمي منها فإني قتيلها …
وما مقصدي إلا تجود وتنعمِ
ولا تقتلوها إن ظفرتم بقتلها …
ولكن سلوها كيف حل لها دمي
وقولوا لها يا منية النفس إنني …
قتيل الهوى والعشق لو كُنت تعلمي
ولا تحسبوا إني قتلت بصارمٍ …
ولكن رمتني من رباها بأسهمِ
أغار عليهـا مـن أبيهـا وامِهـا …
ومن لجةِ المسواكِ إن دار في الفمِ
وأحسـدُ اقـداحً تقبـلُ ثغـرُهـا …
إذا وضعتها موضعَ اللثمِ في الفـمِ
أغار على أعطافهـا مـن ثيابهـا …
إذا لبستهـا فـوق جسـمٍ مُنـعـمِ
لها حكم لقمان وصورة يوسف …
ونغمة داوود وعفة مريمِ
ولي حزن يعقوب ووحشـه يونـسٍ …
وآلام أيـــوب وحـســرة آدمِ
ولما تلاقينا وجدت بنانها …
مخضبة تحكي عصارة عندمِ
فقلت خضبت الكف بعدي هكذا …
يكون جزاء المستهام المتيمِ
فقالت وأبدت في الحشا حرق الجوى …
مقالة من في القول لم يتبرمِ
و عيشكم ما هذا خضاب عرفته …
فلا تَكُ بالزور والبهتان متهمِ
ولكنني لما وجدتك راحلاً …
وقد كنت لي كفي وزندي ومعصمِ
بكيت دماً يوم النوى فمسحته …
بكفي فاحمرّت بناني من دمي
ولو قبـل مبكاهـا بكيـت صبابـة …
لكنت شفيت النفـس قبـل التنـدمِ
ولكن بكت قبلي فهيج لـي البكـاء …
بكاهـا فكـان الفضـل للمتـقـدمِ
بكيت على من زيّن الحسن وجههـا …
وليس لها مِثـلٌ بعـرب وأَعجمي
مدنيـة الألفـاظ مكيـة الحشـى …
هلاليـة العينيـن طائيـة الـفـمِ
وممشوطة بالمسك قد فاح نشرهـا …
بثغـر كـأن الـدر فيـه منـظـمِ
أشارت برمش العين خيفة أهلها …
إشارة محسود ولم تتكلمِ
فأيقنت أن الطرف قال مرحبا …
وأهلاً وسهلاً بالحبيب المتيمِ
فوسدتها زندي وقبلت ثغرها …
فكانت حلالاً لي ولو كنت محرمِ
فوالله لولا اللهِ والخـوفِ والرجـا …
لعانقتُهـا بيـن الحطيـمِ وزمـزمِ
وقبلتها تسعاً وتسعون قبلة …
مفرقة بالخد والكف والفمِ
وقد حـرم الله الزنـا فـي كِتابـهِ …
وما حرم القُبـلات بالخـد والفـمِ
ولو حُرِّم التقبيل على دين أحمد …
لقبلتها على دين المسيح ابن مريمِ
ألا فاسقني كاسات خمر وغنّ لي …
بذكر سُليمى والرباب وزمزمِ
وآخر قولي مثل ما قلت أولاً …
أراك طروباً والهاً كالمتيمِ
يزيد بن معاوية