فن الهوى

يقول الشاعر الروماني أوفيد Ovid في كتاب (فن الهوى)

أكره عناقا لايمنح فيه كل من الشريكين نفسه للآخر تماما، لا أريد إمرأة تمنحني المتعة كواجب بل أحب أن أرى عشيقتي تستمتع بعينين مرتعشتين» و يضيف «رغبة النساء أشد من رغبتنا وتنطوي على قدر أكبر من العنف و الغواية

العرّافة

زُرت عرّافه في حي قديم قبل ازالته

فنظرت لي طويلا وقالت :

ستُحرك ركودَك

ستثُير فضولكَ

ستُعجبك بكل تفاصيلها

ستَفتنك برقتها وحلاوتها

ستجعلك تتخلى عن ثقلك

ستقلب حياتكَ رأساً على عقب

ستستحوذ على تفكيرك فلا تعود تفكر في شيءٍ سواها

ستسرقك من العالم والبشر ونفسك

ستدرُسُها وتتعلمها بدل الفيزياء والعلوم

ستُبدع فيها أكثر من التقنية

ستكتُبها وترسمها وكأنها كود برمجي

ستبيع تجارتك وتشتري حبها

ستنثُر حولها النثر والشعر والآدب

ستأخذكَ وتسافر بكَ إلى عالمها الخاص وتنسيك “ساحل”

ستنسيك اسمكَ وعمركَ وديرتك

ستدهشك حتى تظن ألا شيء بعدها قد يثيرك مطلقاً!!!

فقلت : أنا صالح ، ” ما أنحنى رأس أبو احمد ولا طاح العقال “

فكيف لها أن تقف في وجه جبلٍ مثلي

فقالت : فقط ستحبك وتهتم بك ، ثم سيحدث كل هذا بعدها

قد أُوتيتَ سُؤلَك

وملء قلبي يقين بالله بأن الساعات والأيام والأشهر القادمة ستحمل معها سُؤالُنا
اللهم إننا نسألك خير العَوَض
وأسألك بعَوَضٍ ينسيني هذه الأبيات


كانوا لي أقرب من ظلالي وهالحين
راحــوا وزيــن إنــه بقـالـي ظـلالـي …


اللي خذيت من الحياة أربـع سنيـن
والبـاقـيـات أيــــام بــــس ولـيـالــي …


وش ونـّة الفرقـا ووش دمعـة العيـن
إذا ذكـرت الماضـي الـلـي مضـالـي …


‏احـّيـه من ضيقـه ومـن خاطـرٍ شيـن
واحـّيـه مــن صــدَة رفـيـقً مـوالــي …


واحـّيـه مـن فرقـا ومـن فقـد غالـيـن
لازالت اصـورهـم تغـطـي خـيـالـي …


الله يخلـي لـي مـن أحبـه .. أمـيـن
ما عاد لي قـدره علـى فقـد غالـي …

ملوك الشعر .. والليل

كان الصاحب بن عباد يقول :

بدأ الشعر بملك وختم بملك ، يعني امرؤ القيس وأبو فراس الحمداني

  • ‏في الليل كان الملك الضِّلّيل يقول :

وليلٍ كمَوجِ البحر أرخى سدولَهُ …

عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي

فقلت له لمّا تمطّى بصُلبه …

وأردف أعجازًا وناءَ بكلكلِ

ألا أيها الليلُ الطويلُ ألا انجلي …

بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثلِ

فيا لك من ليل كأن نجومَهُ …

بكل مُغار الفَتلِ شُدّتْ بيَذْبُلِ

في البيت الأخير تشبيه عميق وعظيم ولكن غموض مفرداته ظلمته أمام وضوح تشبيه امرؤ القيس لليل بموج البحر

‏يقول امرؤ القيس : إن نجوم الليل لا تفارق محالّها، فكأنها مربوطة بحبل محكم الفتل وقد شد إلى جبل “يذبل” وهو جبل في نجد

والتشبيه ذاته يتكرر كناية عن طول الليل، ولكن مع الثريا :

كأن الثريا عُلِّقت في مصامها …

بأمراسِ كتانٍ إلى صُمِّ جندلِ

استطال الليل لمقاساة الأحزان فيه، فالنجوم لا تتحرك مع ساعات الليل، وهو يراها مستقرة ثابتة في مكانها، كأن النجوم مشدودة بحبال إلى حجارة فليست تمضي

الثريا : مجموعة من الكواكب

المصام : موضع وقوفها

الأمراس : الحبال

الجندل : الحجارة

  • ‏وكان الملك الأسير أبو فراس الحمداني ذو كبرياء عصي الدمع :

أراكَ عصيَّ الدمعِ شيمتكَ الصبّرُ …

أما للهوى نهيٌ عليكَ ولا أمرُ؟

بلى، أنا مشتاقٌ، وعندي لوعةٌ …

ولكنّ مثلي لا يذاعُ له سِرُّ

‏لكن الكبرياء يتهاوى ليلًا.. فيقول :

إذا الليلُ أضواني بسطتُ يد الهوى …

وأذللتُ دمعًا من خلائقهِ الكبرُ

تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جوانحي …

إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَة ُوالفِكْرُ

و “أضواني” هنا تحتمل كل هذه المعاني:

– أضعفني

– انضم ولجأ وأتى ليلًا

ناهيك عن إيحاء الضوء وضده الليل!

  • ‏في الأسر، سمع أبو فراس حمامة تنوح على غصن شجرة، فعاد الدمع عزيزًا :

أيا جارتا، ما أنصف الدهرُ بيننا …

تعالي أقاسمك الهموم، تعالي

تعالي تري روحًا لدي ضعيفة …

تردد في جسم يعذب بالِ

أيضحك مأسورٌ، وتبكي طليقة …

ويسكت محزون، ويندب سالِ

لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة …

ولكن دمعي في الحوادث غالِ

  • وقد أوصى أبو فراس الحمداني إبنته بالتجلد والصبر بعد ساعة وفاته

أبنيتي ، لا تحزني ‍…كلُّ الأنامِ إلى ذهابِ
أبنيتي ، صبراً جميـ … ـلاً للجَليلِ مِنَ المُصَاب!

نُوحِي عَلَيّ بِحَسْرَة ٍ! … من خَلفِ سترِك وَالحجابِ
قُولي إذَا نَادَيْتِني … و عييتِ عنْ ردِّ الجوابِ
زينُ الشبابِ، ” أبو فراسٍ، لمْ يُمَتَّعْ بِالشّبَابِ

ما هو العيد ؟؟؟

في صغري .. كثيراً ما كنتُ أفكر بالعيد ….
من هو .. ما هو .. شكله .. هيئته .. وحدة صوته …
أحسستُ مرةً بأنه يشبهُ “صاحبَ الظل الطويل” .. وأني لن أرى منه إلا بقايا ظله
ولما سألتُ أبي عنه .. قال : نام الآن .. وغداً سيأتي العيد لِيطرقَ أبوابَ القرية  .. حاملاً معه حلوى وألعاب ….

أذكر ليلتها بأني لم أنمْ .. كانتْ تحملني أفكاري وهواجسي الليلية الى العمعيد” .. والى سلّة ممتلئة بالحلوى والألعاب .. وبتُ أفكر .. هل هو طويل القامة بحيثُ سأرفع رأسي كثيراً لأصلَ إلى منتهاه .. وربما أصادفُ أعلى كتفيه …!
هل سيأتي بسيارةٍ فخمة .. كَتلكَ التي رأيتها في كرتوني المفضل
ربما له ابن .. في عمري ! … سَنلعبُ غداً انا وهوالغميمه” …
وﻻ اذكر بأني حصلتُ على مرادي وصادفتُ العمعيد” .. حتى اني جلستُ طويلاً على عتبة البيت منتظراً أن يأتي .. وما حدثَ .. أن أتى ..
وحينَ كبرتُعرفتُ أن العيد يأتي راكباً او ماشياً
يأتي حينَ ننتظرهُ ..

  • عرفتُ بأن العيد هو فرحتنا بإتمام عبادتنا وقبولها ..
    عرفتُ ان العيد هوَ ان ينزفَ وطني ..
    والعيد ان تبكي أمي فاطمة ..
    والعيد ان يستقيمَ ظهر أبي أحمد ..
    علمت بأن العيد أن نعيش التقدم العلمي والإقتصادي والحضاري وأن نكون في قمة الرقي الإنساني وأعلى مراتب الحياة
    علمت بأن العيد هو أن يطرق المحبوب بابَ خلوتي ويخبرني بأني له العيد

أضغاث أقلامي صالح احمد القرني AlsahliSaleh

عندما جَندَل عمرو بن كلثوم برأس عمرو بن هند

أشارت المراجع التاريخية، أن الملك عمرو بن هند أضمر للشاعر عمرو بن كلثوم الحقد لما رأى عنده من شدة فخر وتباه وتشامخ.. وكان عمرو بن هند ملك الحيرة.

وفي ذات يوم، كان الملك عمرو بن هند في مجلسه وبين أفراد حاشيته شاعراً بالعزة والعظمة فطرح أمام كبار قومه قضية غريبة:

أخبروني يا رجالي الأوفياء.. هل يوجد في هذا الكون من هو أعز مقاماً وأشد أنفة، وأعظم قدراً مني..

كان السؤال غريباً.. وكانت الإجابات تحمل من الخوف ما جعلها تتسربل بالنفاق.

فردت عليه حاشيته بقولهم:  لا أيها الملك العظيم.. لم نََرَ.. ولم نسمع عن ملك أعز منك شأناً وأعظم قدراً.

ثم كان سؤال الملك الأغرب:

هل تعلمون أو تتخيلون أن أحداً من العرب ـ أينما كان ومهما بلغ شأنه ـ تأنف أمه من خدمَة أمي؟

أمام هذا السؤال الرهيب، أدرك الملك أن الإجابات ستكون إجابات الخائفين.. والخوف يمنع الصدق ويبيح النفاق، ولذلك أردف قائلاً:

أريد إجابات صادقة ومهما كانت هذه الإجابات فإنني ســأقبلها وسأحترم أصحابها.. أريد فقط أن أعلم.. هل هناك رجل من العـرب تأنف أمه من خدمَـة أمي؟

قال أحد الجلساء، وكان شجاعاً وجريئاً معروفاً بصدق روايته، وثقة مصادره:

نعم أيها الملك العظيم.. نعرف من تأنف أمه أن تخدم صَاحَبة الفضيلة والعزة أمكم.

ومن هو قالها الملك عمرو بن هند، والشرر يتطاير من عينيه.

فأجابه الرجل : عمرو بن كلثوم أيها الملك العظيم.

كان وقع الاسم على الملك رهيباً، فهو يعرف صاحبه.. وسبق أن استمع إليه وهو يقوم بدور الحكم في خلاف جديد وقع بين قبيلة بكر وقبيلة تغلب.. ولقد ألقى يومها عمرو بن كلثوم جزءاً من معلقته مفتخراً على خصومه دون أن يعير مركز الملك عمرو بن هند أي اهتمام أو تقدير.. وهذا ما جعله يومها يحكم على التغلبيين لمصلحة بني بكر.

فسأل عمرو ولماذا تعتقد أن أم هذا الشاعر تأنف من خدمة أمي؟

فأجابه الرجل: لأن أباها مهلهل بن ربيعة، وعمها كليب وائل أعز العرب، وبعلها كلثوم بن مالك أفرس العرب، وابنها عمرو وهو سيد قومه.

انتهى المجلس بعد ذلك لتضج فكرة غريبة في ذهن الملك عمرو بن هند، وقد قام بتنفيذها على الفور، حينما أرسل أحد خلصائه إلى عمرو بن كلثوم يدعوه فيها أن يزوره هو وأمه ليلى والتي تحبها أم الملك وتريد إكرامها..

قَبلَ عمرو بن كلثوم دعوة الملك عمرو بن هند، ورحل مع أمه في موكب من الخدم والحشم وثلة من فرسان القوم الأشداء، فهكذا كان سفر أسياد القوم في ذلك الزمن.

وما بين الحيرة والفرات، ضرب عمرو بن هند رواقه وأرسل إلى وجوه أهل مملكته فحضروا.

ودخل عمرو بن كلثوم على عمرو بن هند في رواقه، ودخلت ليلى وهند في قبة في جانب الرواق.

وهند أم عمرو الملك كانت عمة امرئ القيس بن حجر الشـاعر وتجمعها صلة القرابة مع ليلى بنت المهلهل.. فعمتها فاطمــة أخت المهلهل هي أم امرئ القيس.

وضع الملك عمرو بن هند خطة الإذلال مسبقاً فطلب من أمه أن تأمر الخدم بالانصراف وأن تقوم ليلى أم عمرو بن كلثوم هي بالخدمة..

ـ ليلى.. ناوليني هذا الطبق الذي أمامك.

هزّ الطلبُ قلب ليلى.. فتغير وجهها.. ومع ذلك صبرت وقالت: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها.

فكررت هند طلبها مرارا وتكرار وأصرت عليه

وهنا صاحت ليلى:

واذلاه.. يا لتغلب.

صدم صوتها سمع ولدها عمرو بن كلثوم.. فثار الدم في وجهه.. ووثب إلى سيف لعمرو بن هند معلق بالرواق ليس هناك سيف غيره.. فضرب به رأس عمرو بن هند.. ونادى من رافقه من فرسان تغلب.. فغنموا ما في الرواق.. وساقوا نجائبه وساروا نحو الجزيرة العربية.

اعتبرت معلقة عمرو بن كلثوم أحسن المعلقات، حتى أن بعض النقاد قالوا: “لو وُضعت أشعار العرب في كفة وقصيدة عمرو بن كلثوم في كفة لمالت بأكثرها”.

وقد بدأ عمرو بن كلثوم بنظم هذه المعلقـة قبل أن يقـتل الملك عمرو بن هند، ولكنه أضاف إليها تســجيلاً لما جرى تلك الأبيات التي تجسد الحادثة وتشير إليها.

تبدأ معلقة الشاعر عمرو بن كلثوم بهذا المطلع:

ألا هبي بصـحنك فاصبحينا

ولا تبقـــي خمـــور الأندرينا

مشعشعة كأن الحصَّ فيها

إذا ما المــاء خالطـها سخينا

ونظراً لطول المعلقة فإننا نختار منها الجزء المتعلق بتلك الحادثة:

ألا.. لا يجهــلن أحــد علينـا

فنجهل فوق جهل الجاهلينا

بأي مشــيئة عمرو بن هـند

نكون لقيلكم فيها قطينا

بأي مشــيئة عمــرو بن هــند

تطـــيعُ بنا الوشـــاة وتزدرينـــا

تهـــدَّدْنا وأعــــودنا رويــــدا

متى كــنا لأمـك مقــتوينا

فـــإن قناتنا يا عمـــرو أعــيت

على الأعـــداء قــبلك أن تلينا

ورثنـا مجــد علقمـةَ بن سـيف

أباح لنا حصــون المجـــد دينا

ومنّا قبــله الســــاعي كَليــب

فأي المجــــد إلا قـد وليـــنا

ونحـن الحاكمــون إذا أُطعـــنا

ونحـن الآخـــدون لمـا رضـينا

إليكـــم يا بنـي بكـــر إليكــــم

ألمّّـا تعـــرفوا مــــنّا اليقـينا

كـأنا والســـــيوف مســـلّلاتٌ

ولـدنا النــاس طُــرّاً أجمعـينا

ونشــرب إن وردنا الماء صفواً

ويشـــرب غـــيرنا كـدراً وطينا

إذا ما المَلْكُ سام الناس خسفاً

أبينــا أن نقــــرَّ الـــذلَّ فــينا

لنا الدنيا ومــن أمســى عليهـا

ونبطش حين نبطش قادرينا

بغــاة ظــالمين ومـــا ظــلمنا

ولكـــن ســـنبدأ أظالميـــنا

مــلأنا البرَّ حتى ضـــاق عــــنا

ونحــن البحـــر نمـلأه سفينا

إذا بلـغ الفطـــامَ لنا صَــــبيٌ

تَخـــرُّ لــه الجـــبابرُ ساجدينا

وقد افتخر شعراء تغلب بقتل عمرو بن كلثوم للملك عمرو بن هند، ونقل لنا تاريخ الأدب والشعر العربي ما قاله الفرزدق وهو يرد على جرير في هجائه الأخطل:

ما ضــرّ تغــلب وائلٍ أهجــوتَهـا

أم بُلْــتَ حــين تناطــح البحــران

قوم هـمُ قـتلوا ببن هــند عنوةَ

عمراً، وهم قسطوا على النعمانِ

كما قال افنون التغلبي مفتخراً:

لعمرك ما عمرو بن هند وقد دعا

لتخـــدُم ليــــلى أمَّـــهُ بمُــوفَّـقِ

فقام ابن كلثوم إلى السيف مصلتاً

فأمسـك من ندمــائه بالمخنَّق

وجندله عمرو إلى الرأس ضربة

بذي شطبٍ صافي الحديدة رونقِ

كل زين أشاهده وأنتم بعيد .. منوتي ليتك معي

كنت احاول ان أغيّر العالم الى الأفضل وكنت قد أوصيت عند وفاتي ان يُكتب على قبري “هنا يرقد صالح الرجل الصالح والذي حاول ان يغيّر العالم الى الأفضل” وان يُذيلوها بخط رفيع “يكفيه شرف المحاوله”

ولكني ايقنت قبل فتره أنه لم يعد بالإمكان قلب العالم للافضل او حتى تحسينه ولا إيقاف جريانه البائس للأمام ، لذا قررت أعيشه كيف ما جاء ، بحاله هيستريه من الحب وان ابكي كل ما سمعت محمد عبده يقول

“ كل زين اشاهده وأنتم بعيد .. منوتي ليتك معي “

أضغاث أقلامي Alsahlisaleh