ملوك الشعر .. والليل

كان الصاحب بن عباد يقول :

بدأ الشعر بملك وختم بملك ، يعني امرؤ القيس وأبو فراس الحمداني

  • ‏في الليل كان الملك الضِّلّيل يقول :

وليلٍ كمَوجِ البحر أرخى سدولَهُ …

عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي

فقلت له لمّا تمطّى بصُلبه …

وأردف أعجازًا وناءَ بكلكلِ

ألا أيها الليلُ الطويلُ ألا انجلي …

بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثلِ

فيا لك من ليل كأن نجومَهُ …

بكل مُغار الفَتلِ شُدّتْ بيَذْبُلِ

في البيت الأخير تشبيه عميق وعظيم ولكن غموض مفرداته ظلمته أمام وضوح تشبيه امرؤ القيس لليل بموج البحر

‏يقول امرؤ القيس : إن نجوم الليل لا تفارق محالّها، فكأنها مربوطة بحبل محكم الفتل وقد شد إلى جبل “يذبل” وهو جبل في نجد

والتشبيه ذاته يتكرر كناية عن طول الليل، ولكن مع الثريا :

كأن الثريا عُلِّقت في مصامها …

بأمراسِ كتانٍ إلى صُمِّ جندلِ

استطال الليل لمقاساة الأحزان فيه، فالنجوم لا تتحرك مع ساعات الليل، وهو يراها مستقرة ثابتة في مكانها، كأن النجوم مشدودة بحبال إلى حجارة فليست تمضي

الثريا : مجموعة من الكواكب

المصام : موضع وقوفها

الأمراس : الحبال

الجندل : الحجارة

  • ‏وكان الملك الأسير أبو فراس الحمداني ذو كبرياء عصي الدمع :

أراكَ عصيَّ الدمعِ شيمتكَ الصبّرُ …

أما للهوى نهيٌ عليكَ ولا أمرُ؟

بلى، أنا مشتاقٌ، وعندي لوعةٌ …

ولكنّ مثلي لا يذاعُ له سِرُّ

‏لكن الكبرياء يتهاوى ليلًا.. فيقول :

إذا الليلُ أضواني بسطتُ يد الهوى …

وأذللتُ دمعًا من خلائقهِ الكبرُ

تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جوانحي …

إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَة ُوالفِكْرُ

و “أضواني” هنا تحتمل كل هذه المعاني:

– أضعفني

– انضم ولجأ وأتى ليلًا

ناهيك عن إيحاء الضوء وضده الليل!

  • ‏في الأسر، سمع أبو فراس حمامة تنوح على غصن شجرة، فعاد الدمع عزيزًا :

أيا جارتا، ما أنصف الدهرُ بيننا …

تعالي أقاسمك الهموم، تعالي

تعالي تري روحًا لدي ضعيفة …

تردد في جسم يعذب بالِ

أيضحك مأسورٌ، وتبكي طليقة …

ويسكت محزون، ويندب سالِ

لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة …

ولكن دمعي في الحوادث غالِ

  • وقد أوصى أبو فراس الحمداني إبنته بالتجلد والصبر بعد ساعة وفاته

أبنيتي ، لا تحزني ‍…كلُّ الأنامِ إلى ذهابِ
أبنيتي ، صبراً جميـ … ـلاً للجَليلِ مِنَ المُصَاب!

نُوحِي عَلَيّ بِحَسْرَة ٍ! … من خَلفِ سترِك وَالحجابِ
قُولي إذَا نَادَيْتِني … و عييتِ عنْ ردِّ الجوابِ
زينُ الشبابِ، ” أبو فراسٍ، لمْ يُمَتَّعْ بِالشّبَابِ

أضف تعليق