لولا فتاة في الخيام مقيمة
لَمَا اختَرتُ قُربَ الدَّارِ يَوماً عَلى البُعدِ
مُهَفهَفَةٌ وَالسِّحـرُ مِـن لَحَظاتِهـا
إِذا كَلَّمَت مَيتاً يَقـومُ مِـنَ اللَّحـدِ
أَشارَت إِلَيها الشَّمسُ عِنـدَ غُروبِهـا
تَقولُ إِذا اِسوَدَّ الدُّجَى فَاطلِعِي بَعدي
وَقالَ لَها البَدرُ المُنيـرُ أَلا اسفِـري
فَإِنَّكِ مِثلِي فِي الكَمالِ وَفِي السَّعـدِ
فَوَلَّت حَيـاءً ثُـمَّ أَرخَـت لِثامَهـا
وَقَد نَثَرَت مِن خَدِّها رَطِـبَ الـوَردِ
وَسَلَّت حُساماً مِن سَواجي جُفونِهـا
كَسَيفِ أَبيها القاطِعِ المُرهَـفِ الحَـدِّ
تُقاتِلُ عَيناها بِهِ وَهوَ مُغمَـدٌ فمن
عَجَبٍ أَن يَقطَعَ السيفُ فِي الغِمـدِ
مُرَنَّحَةُ الأَعطافِ مَهضومَـةُ الحَشـا
مُنَعَّمَـةُالأَطـرافِ مائِسَـةُ القَـدِّ
يَبيتُ فُتاتُ المِسكِ تَحـتَ لِثامِهـا
فَيَـزدادُ مِـن أَنفاسِهـا أَرَجُ النَـدِّ
وَيَطلَعُ ضَوءُ الصُبحِ تَحـتَ جَبينِهـا
فَيَغشاهُ لَيلٌ مِن دُجَى شَعرِهاالجَعـدِ
وَبَيـنَ ثَناياهـا إِذا مـا تَبَسَّمَـت
مُديرُ مُدامٍ يَمـزُجُ الـرَّاحَ بِالشَّهـدِ
شَكا نَحرُهـا مِن عَقدِهـا مُتَظَلِّمـاً
فَواحَرَبـا مِن ذَلِكَ النَّحـرِ وَالعِقـدِ
فَهَ لتَسمَحُ الأَيّـامُ يا ابنَـةَ مـالِكٍ
بِوَصلٍ يُدَاوي القَلبَ مِن أَلَمِ الصَّـدِّ
عنترة بن شداد